هل لدى الطيور حاسة شم؟
وفقًا لبحث جديد من “Amber Rice”، فإن الرائحة تلعب دورًا هامًا لدى طيور التشيكاديس “Chickadees” في اختيار شريك الحياة.
تدرس “Amber Rice” عالمة الأحياء التطورية في جامعة Lehigh، التهجين الطبيعي -أي عندما تختلط الأنواع المُنفصلة وتتزاوج ببعضها البعض-، من أجل فهم أفضل لكيفية نشأة الأنواع وكيفية الحفاظ على الأنواع الموجودة.
والنوعان اللذان يُشكلان المجموعة الهجينة في هذه الدراسة هما “black-capped chickadee” وأقاربه “Carolina chickadee”.
وقد لاحظت أمبر دور الرائحة في اختيار الطائر لشريكه، حيث ساهمت الرائحة في الانفصال والعزلة الإنجابية بين النوعين اللذين يعيشا في المنطقة المُختلطة “hybrid zone” في بنسلفانيا الشرقية.
وجد أمبر وألكس -طالب الدراسات العليا- أن كِلا النوعين “black-capped chickadee” و “Carolina chickadee” يُنتجان زيوت طبيعية مُتميزة كيميائيًا، وعند اختبار كلًا من الذكور والإناث من كلا النوعين، وجدوا أن الذكور والإناث يُفضلون رائحة الأنواع الخاصة بهم على الأنواع المُقابلة، وهذه التفضيلات قد تُؤثر على التهجين.
نُشِرَت نتائج هذه الدراسة في مجلة علم البيئة والتطور بعنوان: “التفضيلات الشميّة المُحددة، والاختلاف بين الأنواع في إشارات الرائحة في chickadee hybrid zone”.
تقول أمبر: “إن دراسة حاسة الشم عند الطيور غير شائعة، وخصوصًا في الطيور المُغردة؛ لأنها تمتلك في كثير من الأحيان تباين رائع في الأغاني وألوان الريش، والذي يكون تركيز الدراسات الأكبر عليها، ولقد وَثّقت بعض الأعمال الحديثة الأخرى أن أنواع الطيور المُغردة يُمكنها أن تشم وأن تفضّل روائح أنواع على أخرى، لكن هذا المثال الأول في الأنواع المُهجنة التي نعرفها حاليًا”.
ويضيف ألكس: “إن النتائج تُظهِر أن الرائحة ليست وسيلة لاختيار الشريك فقط، ولكن لها عواقب تطورية وبيئية على أنواع الطيور المُغردة”.
عندما تتزاوج الـ “black-capped chickadee” و”Carolina chickadee” مع بعضها البعض، تكون النتيجة ذرية هجينة تُعاني من مشاكل في اللياقة البدنية، فمثلًا غالبًا ما تكون غير قادرة على أن تفقس من البيضة منذ البداية، وتمتلك قدرات عقلية أقل من طيور الأنواع النقية.
ومن المُثير للاهتمام، أن الباحثين وجدوا أن التشيكاديس لا تتجنب رائحة الأنواع الأخرى، وعلّق ألكس على ذلك بقوله: “هذه الحقيقة قد تتزامن مع مُلاحظة أن التهجين لا يزال يحدث بالفعل، ونحن نعرف أن الـ Hybrid zone صغيرة جدًا وعرضها ثابت، وبعبارة أخرى فإن المنطقة الجغرافية للتهجين/المُختلطة لا تنمو ولا تتقلص”.
صورة تُوضح موقع الـ “hybrid zone /المنطقة المُختلطة”، بين منطقتين مُنفصلتين للنوعين “black-capped chickadee” و”Carolina chickadee”.
اصطاد أمبر وألكس الطيور البرية من المناطق الهجينة في ولاية بنسلفانيا، واستخدموا الطيف الكتلي للغاز الكروماتوجرافي؛ لتحليل الاختلافات بين الأنواع الموجودة من حيث الزيوت الطبيعية التي تُنتجها الطيور من الغدد البولية (المعروفة أيضًا باسم غُدَّة الزِّمِكَّى “preen gland”، وقاموا باختبار أفضلية رائحة على أخرى بين الأنواع باستخدام قالب على شكل Y، لقياس مقدار الوقت الذي تقضيه الطيور مع رائحة مُعينة.
على (اليمين) غرف للطيور المانحة للرائحة، وعلى (اليسار) Y-Maze غرف للطيور المُفضّلة لهذه الرائحة.
أثناء اختبارات التفضيل، تمنع شاشة مُعتِمَة الطيور في المتاهة Y من رؤية الطيور في الغرف المانحة للرائحة، ويتم الاحتفاظ بالطيور المُصدِرَة للرائحة في الظلام خلال التجارب التفضيلية لتبقى صامتة.
أشارت التجارب إلى تفضيل واضح لرائحة الجسم كله من نفس النوع في كلا النوعين من التشيكاديس، هذه التفضيلات كانت موجودة في كل من الذكور والإناث، والنتائج كما يقول الفريق تتفق مع الدور المُحتمل للإشارة الشمية في حدوث العزلة الإنجابية المُبكرة في التشيكاديس.
تقول أمبر: “داخل الـ Hybrid zone يُظهِر النوعان اختلافات في كيمياء زيت الـ uropygial، بالإضافة إلى ميل وتفضيل ملحوظ لأنواعهما على الأنواع الأخرى”.
يعتقد الفريق أن الباحثين في مجالات سلوك الحيوان والبيئة الكيميائية سيجدون دراستهم مُثيرة للاهتمام بشكل خاص، وأن البحث في الرائحة في الدراسات المُستقبلية لسلوك الطيور المُغردة مثل: دورها في اختيار رفيق أو تقييم مخاطر الافتراس أو التفاعلات التنافسية، هي بعض السبل الواعدة للتحري عن الطيور المُغردة في المُستقبل.
تم دعم البحث من قبل جامعة ليهاي والمُؤسسة الوطنية للعلوم ، فضلًا عن المِنَح البحثية من جمعية دراسة التطور (جائزة منحة روزماري) وجمعية سلوك الحيوان.
كتابة: كاميليا محمد
مراجعة: داليا الشريف
تحرير: أسماء مالك
تصميم: عاصم عبد المجيد
