عالم الرياضيات ومُنشيء علم الجبر “الخوارزمي”
وُلِد أبو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي في عائلة فارسية في (الشورسمية) عام 780 م. غالبًا ما يُفترض من اسمه أنه جاء من خوارزم، ثم خراسان الكبرى، لكن بعض المصادر الأخرى تشير إلى أنه ربما يكون قد جاء من “قطربول – Qatrabbul”، وهي منطقة زراعة الكروم بالقرب من بغداد.
عاش الخوارزمي أثناء الخلافة العباسية. وقد كان عالمًا فارسيًا في الرياضيات، وأيضًا عالم فلك وجغرافيا، وقد كان باحثًا في بيت الحكمة في بغداد، وكانت مساهمته في مجال الرياضيات -وخاصة الجبر- ظاهرة استثنائية.
يُعتبر الخوارزمي المخترع الأصلي للجبر، قبل العلماء في عصر النهضة الأوروبية، على الرغم من أنه أصبح من المعروف في وقت لاحق أن عمله يستند إلى مصادر هندية أو يونانية قديمة. إحدى العمليتين اللتين استخدمهما في حل المعادلات التربيعية هي شهادة على الدور الذي لعبه في تطوير هذا المجال الخاص بالرياضيات.
استندت بعض أعماله إلى علم الفلك الفارسي والبابلي، والأرقام الهندية، والرياضيات اليونانية. وكان معروفًا بنهجه النظامي في حل المعادلات الخطية والتربيعية. وبصرف النظر عن الرياضيات، كان أيضًا من ذوي المهارات العالية والمعرفة في مجالات علم الفلك والجغرافيا؛ إذ أنه قام بتصحيح بيانات (بطليموس) لأفريقيا والشرق الأوسط، كما كتب عن موضوع علم التنجيم.
تشمل أعماله أطروحة حول التقويم العبري، الذي يصف فيه دورة التقارب التي دامت 19 عامًا. ومن أهم أعماله كتاب “المختصر في حساب عن الجبر والمقابلة”، والذي أكمله في عام 830 م، والذي قدَّم فيه حسابًا شاملًا لحل معادلات متعددة الحدود حتى الدرجة الثانية. وقد كانت أعمال الخوارزمي الرياضية مهمة للغاية، لدرجة أن العلماء في عصر النهضة في أوروبا اعتقدوا أنه هو المخترع الأصلي للجبر.
قدَّم مساهمات في مجال علم المثلثات أيضًا، ويعود له الفضل في وضع جداول مثلثية تحتوي على وظائف جيبية، تم استخدامها فيما بعد للمساعدة في تشكيل وظائف ظل الزاوية. كما أدت أعماله في الرياضيات إلى توضيح مفهوم التفاضل. وصحح بيانات (بطليموس) في الجغرافيا عن أفريقيا والشرق الأوسط من خلال نتائجه الخاصة في كتاب “صورة الأرض”، وقدم قائمة من 2402 إحداثيًا للمدن، وغيرها من المعالم الجغرافية. واليوم، هناك نسخة واحدة فقط من كتاب “صورة الأرض”، محفوظة في مكتبة جامعة “ستراسبورغ”.
وفي علم الفلك، في كتابه “الجداول الفلكية للسند والهند”، قدم جداول لحركات الشمس والقمر، والكواكب الخمسة المعروفة في ذلك الوقت. يتكون هذا العمل من 37 فصلاً -تقريبًا- في الحسابات التقويمية والفلكية، و116 جدولًا تحتوي على بيانات تقويمية وفلكية. وقد تُوفي الخوارزمي في عام 850 م في بغداد.
كتابة: منة الله محمد منصور
مراجعة: عبد الستار نور الدين
تحرير: زياد محمد
تصميم: أمنية عبد الفتاح