كيميائيو العصر الحديث يجعلون الكيمياء أفضل
حاول الكيميائيون القدماء تحويل الرصاص والمعادن الأخرى إلى ذهب وبلاتينيوم، ولكن الكيميائيين الآن في مختبر بول تشيريك في جامعة برينستون قاموا بتحويل التفاعلات التي اعتمدت على المعادن الثمينة غير الصديقة للبيئة، وإيجاد بدائل أرخص وأفضل لتحل محل البلاتين والروديوم والمعادن النفيسة الأخرى في إنتاج الأدوية وغيرها من التفاعلات.
اكتشف العلماء أنه يُمكن استخدام الكوبالت والميثانول لإنتاج دواء الصرع الذي كان يتطلب في السابق استخدام الروديوم والديكلوروميثان ( وهو مذيب سام)، أما التفاعل الجديد يعمل بشكل أسرع وأرخص، ومن المرجح أن يكون له تأثير بيئي أقل، وهذا يُسلط الضوء على مبدأ هام في الكيمياء النظيفة وهو أن الحل البيئي يمكن أن يكون أكثر تفضيلاً من الناحية الكيميائية.
العديد من الجزيئات لها مُتشكلات يمينية أو يسارية والتي تتفاعل بشكل مختلف، مع عواقب خطيرة في بعض الأحيان، لذلك فإن إدارة الغذاء والدواء (FDA) اتخذت إجراءات صارمة للتأكد من أن الأدوية لها جهة واحدة فقط، تُعرف باسم الأدوية ذات المُتشكل الواحد. وبدلاً من تصنيع جُزيء ذي متشكلين ومن ثم فصلهم، فقد أوضح الباحثون قبل خمس سنوات أن الكوبالت يمكن أن يصنع جزيئات عضوية متجانسة مفردة، ولكن فقط باستخدام مركبات فعالة نسبيًا وليست فعالة طبيًا وباستخدام مذيبات سامة.
ووجد الباحثون أن أسلوبهم الجديد القائم على الكوبالت أسرع وأكثر انتقائية من نهج الروديوم الحاصل على براءة اختراع، وليس فقط أنه أرخص وأكثر صداقة للبيئة، ولكن التقنية الجديدة تعمل مع الميثانول، وهو أكثر نظافة بكثير من المذيبات المكلورة التي يتطلبها الروديوم مثل ثنائي كلوروميثان.
إن تقارب الكوبالت للمذيبات النظيفة جاء بمثابة مفاجأة، فعلى مدى عِقد، كانت العوامل الحفازة المعتمدة على المعادن الوفيرة بالأرض مثل الحديد والكوبالت تتطلب ظروفًا جافة ونقية جدًا، مما يعني أن المحفزات نفسها كانت هشة جدًا، وﺑﺎﻟﻌﻤﻞ مع اﻟﻤﻴﺜﺎﻧﻮل ﻟﻢ ﻳﺘﺤﺴﻦ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺒﻴﺌﻲ ﻟﻠﺘﻔﺎﻋﻞ ﻓﻘﻂ، وﻟﻜﻦ اﻟﻤﺤﻔﺰات أﺳﻬﻞ في اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ وﻣﻌﺎﻟﺠﺘﻬﺎ، وهذا يعني أن الكوبالت يجب أن يكون قادرًا على التنافس أو حتى التفوق على المعادن الثمينة في العديد من التطبيقات التي تمتد إلى أبعد من الهدرجة.
يُركز مختبر تشيريك على “التحفيز المتجانس” وهو مصطلح يُطلق على التفاعلات باستخدام المواد التي تم إذابتها في المذيبات الصناعية. إن التحفيز المتجانس هو في العادة مجال هذه المعادن الثمينة، تلك الموجودة في أسفل الجدول الدوري، وبسبب وضعهم في الجدول الدوري فإنهم يميلون إلى تغيرات إلكترونية يمكن التنبؤ بها (إلكترونين في كل مرة) وهذا هو السبب في أنه يمكنك صنع المجوهرات من هذه العناصر، لأنها لا تتأكسد ولا تتفاعل مع الأكسجين، لذا عندما ترى العناصر الأرضية الوفيرة، عادةً ما تكون في الصف الأول من الجدول الدوري، تتغير البنية الإلكترونية وكيفية تحرك الإلكترونات في العنصر، وهكذا تبدأ في الحصول على كيمياء إلكترون واحد، ولهذا السبب ترى أشياء مثل الصدأ لهذه العناصر.
يُعَد نهج شيريك تحولًا جذريًا للمجال بأكمله، حيث أن الكيمياء التقليدية تحدث من خلال أكسدة إلكترونين، أما كيمياء تشيريك تحدث من خلال أكسدة إلكترون واحد وهذا فرق كبير بالنسبة للكيميائي لأنه يتحدث عن مسار يحدث عبر نصف الإلكترونات التي تتوقعها عادة. وقال تشيريك: “نحن نعمل على منطقة من الجدول الدوري حيث لم يسبق لأحد العمل عليها لفترة طويلة، لذلك هناك ثروة هائلة من الكيمياء الأساسية الجديدة، فمن خلال تعلم كيفية التحكم في تدفق الإلكترونات هذه، فإن العَالَمَ مُنفَتحٌ لنا”
كتابة: أية أحمد
مراجعة: ميار محسن
تصميم: محمد خالد
تحرير: أحمد عبدالستار