كيف استطاع فيروس كورونا أن يؤثر إيجابيًا على سلامة البيئة؟
يقول المثل: “مصائب قوم عند قوم فوائد” هذا ما أثبته لنا الوجه الآخر لجائحة الكورونا، فبالرغم من الأعداد المهولة من البشر المصابين بالفيروس والمقدَّرين بمئات الآلاف، إلا أنَّ ذلك قد أعطى نفس الحياة لكوكبنا المختنق!
فبعد توقف مصانع الصين الجبارة وغيرها من مصانع العالم عن العمل، أصبح كوكبنا مكان أفضل للعيش فيه. لنشرح لكم الأمر وكيف يمكن لتوقف العمل والإنتاج أن يُحدث ذلك الفارق الإيجابي الملحوظ في طبيعتنا.
نسمع جميعنا عن ظاهرة الاحتباس الحراري وخطرها المتمثل في عدة صور أشهرها هو ذوبان جليد القطبين وغرق القارات، وإطلاق العنان لآلاف الأنواع والأصناف من البكتيريا والفيروسات القديمة المحفوظة في ذلك الجليد والتي لا نملك عنها أي معلومات بالتالي لا علاج.
حسنًا، لقد كانت تلك الأخبار السيئة التي أحب البدء بها، لنرى ما هي الأخبار الجيدة، لكن في البداية ولكي تفهم، يجب أن تعرف أنَّ الاحتباس الحراري لا يتولد فقط من ثاني أكسيد الكربون، هو السبب الرئيسي بالتأكيد ولكن هو غني عن التعريف. دعونا نعرفكم ببطل عرض اليوم صاحب المركز الثاني وهو غاز الميثان!
-
غاز الميثان
هو مركب عضوي، يتكون من ذرة كربون وأربع ذرات من الهيدروجين. ويعتبر العنصر الرئيسي للغاز الطبيعي وبعض الوقود الأحفوري، ولكن غاز الميثان كأغلب المركبات الكيميائية يعتبر سلاح ذو حدين.
يُعتبر غاز الميثان مُساهِم قوي في الاحتباس الحراري. ازدادت انبعاثات الميثان في الغلاف الجوي بنسبة 150 في المائة تقريبًا على مدى القرون الثلاثة الماضية.
فضلًا عن الفكرة المرعبة التي تتمثل في “قنبلة الميثان الموقوتة”، وهي الاختصار الشائع لفكرة مفادها أن ذوبان الجليد في القطب الشمالي قد يؤدي في أي لحظة إلى إطلاق كميات هائلة من غاز الميثان القوي، وهو من شأنه أن يُعجِّل ارتفاع حرارة كوكب الأرض. ويشير البعض إليها بعبارات أكثر دراماتيكية مثل: كارثة الميثان في القطب الشمالي.
لكن مقارنة بثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات الحابسة للحرارة، فإن عمر الميثان قصير نسبيًا، فهو يدوم تسع سنوات فقط في الغلاف الجوي، في حين أنَّ ثاني أكسيد الكربون يمكن أن يظل صامدًا في الغلاف الجوي طوال قرن تقريبًا! وهذا يجعل الميثان هدفًا مناسبًا بشكلٍ خاصٍ للحد من مستويات الانبعاثات في إطار زمني قصير. حيث يقول باحث من جامعة “روشستر” “بنيامين همييل”: “إذا توقف اليوم انبعاث ثاني أكسيد الكربون، فستبقى مستويات ثاني أكسيد الكربون المرتفعة في الغلاف الجوي قائمة فترة طويلة، وأنَّ الميثان مهم للدراسة لأننا إذا أجرينا تغييرات على انبعاثات الميثان الحالية، فإنه سينعكس بشكل أسرع”.
حسنًا سنجري الدراسات على الميثان سريعًا ونوقف انبعاثه، سهل للغاية! للأسف عزيزي القاريء ما يجعل التحكم فيه صعبًا هو أنه ينبعث بصورة طبيعية من أماكن أخرى مجهولة وبشكل لا يتدخل فيه البشر.
إذًا ما هي الأخبار الجيدة لكوكبنا إن كان الأمر سيئًا لهذه الدرجة، وكيف أثَّر فيروس كورونا المستجد إيجابًا على كوكبنا؟
الصين قوة صناعية هائلة، لذا فبمجرد توقف مصانعها عن العمل والتزام مواطنيها بالحجر الصحي منذ بداية فبراير وحتى أواخر مارس انخفض انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات المصاحبة للصناعات واستخدام الوقود مثل الميثان وثاني أكسيد النيتروجين بنسبة 18% من الانبعاثات السنوية والتي تُقدر ب 250 مليون طن، والتي تعادل أكثر من نصف نسبة انبعاث الغازات من المملكة المتحدة بالكامل! كذلك الاتحاد الأوروبي الذي انخفضت انبعاثاته بنسبة 9% وتقدر ب 400 مليون طن. لذا؛ من المتوقَع أنه بقليلٍ من الوقت سينخفض معدل الانبعاثات السنوي الكلي بنسبة 5% وهو ما لم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية.
بالتأكيد ذلك لن يقلب معدلات الاحتباس الحراري رأسًا على عقب بين ليلة وضحاها، وذلك نظرًا لتوقُع عودة الإنتاج بقوة في الصين وغيرها من الدول.
الحل؟ بسيط للغاية، الاتجاه إلى الطاقة النظيفة والمتجددة، حتى نسمح لكوكبنا العزيز بالاستشفاء والتعافي من مئات السنين من الاستهلاك المتواصل، وقد تكون تلك الأرقام مؤشرًا يوضح قدرتنا على الحد من الأذى والتوقف عن العبث، وأنه ما زال هناك متسعًا من الوقت قبل طريق اللاعودة، وقبل أن تصبح الكارثة واقعًا لا مفر منه.