الحل السحرى لإنقاذ الكوكب بين يديك
العالم بأسره يُنادي بضرورة تخفيف الانبعاثات، واستخدام الطاقة النظيفة لكي نحد من ارتفاع حرارة الكوكب، وحتى تنعم الأجيال القادمة بحياة خالية من الكوارث الطبيعية.
وإذا افترضنا أننا استجبنا لتلك المطالب، والتزمنا بالتعليمات، فهل من المُمكِن أنْ نتخلى عن استخدام الوقود الأحفوري (الطاقة الرخيصة) دفعة واحدة؟
أم أنَّ الشمس ستُعطينا الوقت الكافي حتى نستبدل الذي هو خير بالذي هو أدنى؟ أو حين يعلم كوكبنا أننا اهتدينا بعد أنْ ضللنا الطريق؟!
ولكن دعني أعرض لك القضية بصورة مُختلِفة قليلًا، تعلم أنه إذا انخفضت حرارة الكوكب، فإنه سيعود إلى رشده واتزانه، وهل هذا سيحدث بدون أنْ نُقلِل حرق الكربون ونتَّجِِه للطاقة المُتجدِدة؟
بعض العلماء اقترحوا عزل الكوكب ببعض السُحُب الاصطناعية، المُكوَّنة من ثاني أكسيد الكربون، الذي يُحقَن بواسطة الطائرات النفاثة، في الطبقات العليا للغلاف الجوي على ارتفاع ١٤٠٠٠ قدم، فيتجمد الغاز نظرًا لانخفاض درجة الحرارة، فيعمل كعازل لأشعة الشمس، وبذلك لا نحتاج أنْ نتحدث عن الاحتباس الحراري، أو الغازات الدفيئة.
ما مصدر هذه الفكرة؟ وهل حقًا تعمل؟
قبل عشرين سنة من اليوم، وبالتحديد في الفلبين عام ٢٠٠١، ثار جبل بيناتوبو بقوة هائلة صاحبها إطلاق كميات هائلة من الرماد البركاني، مما اقتحم الطبقات العليا للغلاف الجوى.
حقن بيناتوبو نحو ١٥ مليون طن من ثاني أكسيد الكبريت، نُشِر في جميع أرجاء العالم بواسطة طبقات الستراتوسفير، ولكنها بقيت مُتجمِدة لفترة كبيرة، حاجزة لأشعة الشمس إلى أنْ فُرقت بعد ذلك.
في هذا الوقت، انخفضت درجة الحرارة نحو حوالي ٦ درجات مئوية لمدة عامين، ومن هنا تبلورت الفكرة لدى عالم الكيمياء، وتمَّ تقديم اقتراح ضخ أطنان من ثاني أكسيد الكبريت لحجز أشعة الشمس، وقد قُوبِل بالمُعارَضة من بعض علماء البيئة، نظرًا لأنَّ ذلك سيُؤدي لانهيار التنوع البيولوجي في العالم، وتأثيره على اتجاه الرياح الموسمية بشكل كبير، والتي تتوقف عليها الزراعة، وليس هذا فحَسب، بل سينتُج عن ذلك أيضًا تآكُل في طبقة الأوزون، وهذا يعني تعرُّضنا للمزيد من الأشعة فوق البنفسجية، واحتمالية إصابة الجنس البشري بسرطان الجلد خلال عام واحد، بالإضافة إلى مشاكل في التنفُس من جَراء استنشاق الكبريت المُتواجِد بكَثرة في الغلاف الجوى.
من المُحتمَل أيضًا حدوث الاحترار الإقليمي، استنادًا إلى نتائج مشروع المُقارَنة بين نموذج الهندسة الجيولوجية ٢٠١٤ – ٢٠١٥، وتَنبَّأ بأنَّ درجات الحرارة في المناطق المدارية ستبرد، لكن خطوط العرض الأعلى سترتفع درجة حرارتها، مع استمرار انخفاض الصفائح الجليدية في القطب الشمالي، كما أنَّ الانحرافات الشديدة في درجات الحرارة لاتزال تتزايد.
لاحظ أحد الباحثين أنه: “إذا توقفت الهندسة الجيولوجية دفعة واحدة، فستكون هناك زيادة سريعة في درجات الحرارة، وهطول الأمطار بمعدل ٥ – ١٠ أضعاف مُعدَلات الاحترار العالمي التدريجي”.
رأيتَ أنه لكل حلٍ جديد آثاره الجانبية المُدمِرة، ففى حين أنه سوف يحل الكثير من المُشكلات، إلا أنه سوف يُوجِد مُشكلات من طراز حديث، وتحديات جديدة خليقة بأنْ نتمهل قبل تطبيق هذه النظرية.
هل طُبِّق هذا الاقتراح؟ وهل من المُمكِن أنْ نصل إلى حل مُناسِب؟
استخدام تلك التكنولوجيا يتوقف على احتياج الحكومات، والقدرة على تغطية التكاليف الباهظة، وهذا الاستخدام يُطبَّق على نطاق محدود من قِبَل دولة أو أكثر لتَخطِّي الأزمة، أو لاستهداف بعض الفعاليات المُهِمة.
رأينا في أوليمبياد بكين عام ٢٠٠٨، كيف كان الجو مُلائمًا جدًا للرياضيين، مع أنها أُقيمت في الصيف في درجات حرارة عالية.
وفي روسيا حيث استضافت دورة الألعاب الشتوية، كان الجو دافئًا أيضًا ومُلائِمًا، نظرًا لاستخدام السُحُب الاصطناعية.
الحل الأمثل لنجاح الأمر، هو زراعة تلك السُحُب في نطاق القُطبين، وتبرير ذلك هو عدم وجود حياة في تلك المناطق، وبالتالي لن يكون هناك ما يُشكِّل ضررًا بالغًا، في حين أنَّ السُحُب ستعود علينا بالنفع، وهو ثبات مُستوى سطح البحر والحد من ارتفاعه.
هل سيكون هناك اتجاه جديد للتفكير بشأن مُستقبَل كوكبنا؟
تكمُن المُشكلة في أنه إذا تمكنت جميع الحكومات من الاتفاق بشكل فعَّال على مثل هذه القضية المُعقَّدة، مع العديد من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، بما في ذلك مَن سيتحمل تكلفة وعبء الآثار السلبية، وما إذا كانت البلدان لديها القدرة لتنفيذ التدابير المناخية المُتفَق عليها، والتي تتطلب المُثابَرة والتماسُك على مدى عِدة عقود.
تُثير احتمالية التَحكُم في درجات الحرارة العالمية تساؤلات جدّية حول السُلطة والعدالة: “مَن الذي يُمكِنه التَحكُم في تنظيم حرارة الأرض، وتعديل المناخ لمصالحه الخاصة؟
مَن الذي سيتخذ قرار الانتشار إذا اعتُبِرَت مثل هذه الإجراءات الصارمة مُجدية تقنيًا؟ ومَن سوف يستبعد مصالح مَن؟”
كتابة: محمود البيومي
مراجعة: إسراء وصفي
تدقيق لغوي: أسماء مالك