كيف تقوم الحيوانات والفطريات بتحسين أداء الغابات؟
من المعروف أن النباتات لها دور كبير في استمرار الحياة على الأرض، ويَظهَر هذا الدور في الغابات الاستوائية بشكل كبير، لكن المفاجأة أن ليس فقط الأنواع النباتية هي التي تحسن أداء الغابات، فقد أظهرت دراسة جديدة تستند على عشر سنوات من الأبحاث في الغابات شبه الاستوائية الغنية بالأنواع، أنه بالإضافة إلى تنوع أنواع الأشجار، فإن تنوع أنواع الحيوانات والفطريات له تأثير كبير على أداء الغابات.
وتوضح النتائج أنه يجب النظر إلى التنوع البيولوجي ككل من أجل الحفاظ على أداء الغابات.
فهناك قلق عالمي من فقدان التنوع البيولوجي الذي يسببه الإنسان؛ مما يؤثر على المناظر الطبيعية والثقافية. ففي الغابات، تُعَد الأشجار أكثر الكائنات انتشارًا، وبذلك فإن وجودها مهم وبالتالى فإن تحديد النتائج المترتبة على تقليل تنوع الأشجار لن تكون صعبة، لكن الصعوبة ستكون في تحديد آثار فقدان تنوع آلاف من أنواع الكائنات الحية الدقيقة والحيوانات الصغيرة التي تؤدي أدوارًا مهمة في الغابات مثل الحيوانات آكلة العشب أو مراقبي الآفات أو الكائنات المختصة بإعادة التدوير.
بعد سنوات من العمل نجح فريق من الباحثين الألمان والصينيين والسويسريين والأمريكيين في القيام بذلك لأول مرة في غابات شبه طبيعية غنية بالأنواع خاصة في المناطق شبه الاستوائية في الصين. لم تقم مجموعة البحث فقط بدراسة التنوع الهائل للأنواع من الخنافس والعناكب والنمل والخشب والفطريات في هذه الغابات فقط، ولكن أيضًا قاموا بدراسة مجموعة من العمليات الضرورية لعمل الغابات.
وتشمل هذه العمليات نمو الأخشاب، ومنع تآكل التربة، وإعادة تدوير المُغذِّيات أو المكافحة البيولوجية للآفات.
ويقول الدكتور “أندرياس شولدت” (Andreas Schuldt) المؤلف الأول للدراسة، من المركز الألماني لبحوث التنوع البيولوجي التكاملية (iDiv): «تبين تحليلاتنا أن تنوع الأنواع الحيوانية والفطرية يؤثر على العديد من العمليات الهامة مثل توفر العناصر الغذائية لنمو الأشجار، ولفهم سبب وكيفية تأثير ضياع التنوع البيولوجي على هذه الغابات، فإن التركيز على الأشجار وتنوع أنواعها فقط لا يكفي».
كما أن ثراء الأنواع من الكائنات آكلة العشب ومنافسيها أمر مهم، وهو نتيجة مهمة للتكثيف المتوقع للأنواع واحتمال منع انتشار الآفات بالتغيّر التدريجي للمناخ.
وأيضًا قد وجد الباحثون إلى جانب الحيوانات والفطريات أن تعدد وظائف الغابات لا يتأثر كثيرًا بعدد أنواع الأشجار مثلما تتأثر بخواصها الوظيفية وتكوينها الناتج عن الأنواع المختلفة من أنواع الأشجار.
وقال البروفيسور “هيلج برويلهايد” (Helge Bruelheide)، المُتحدِّث باسم مجموعة البحث والكاتب الأول للدراسة: «إن معرفتنا السابقة عن العلاقات بين التنوع الوظيفى والتنوع البيولوجي تأتي في المقام الأول من غابات فقيرة نسبيًا في أوروبا وأمريكا الشمالية»، «يمكننا الآن أن نظهر للمرة الأولى أن مثل هذه العلاقات في المناطق شبه الاستوائية والمدارات الاستوائية الغنية بالأنواع تتبع ديناميكيتها الخاصة. وهذا أمر مهم، إذ أن هذه الغابات لها أهمية كبيرة في الدورات البيوجيوكيميائية العالمية وأيضًا بالنسبة لنا نحن البشر».
وتتيح نتائج الدراسة أيضًا إدارة الغابات في ظل ظروف بيئية دائمة التغير، وبالتالي توفر بيانات أساسية مهمة. وأصبحت هذه الأفكار ممكنة الآن بفضل سنوات عديدة من تمويل أبحاث التنوع البيولوجي والمشروع من قِبل مؤسسة الأبحاث الألمانية (DFG).
كتابة: آلاء عمارة
مراجعة: داليا الشريف
تصميم: عبدالرحمن سعد
تحرير: إسلام حمدي