ما هي الكيمياء النووية؟
هي دراسة الخواص الكيميائية والفيزيائية للعناصر التي تتأثر بالتغيرات في بنية النواة الذرية، تشير الكيمياء الإشعاعية أحيانًا إلى الكيمياء النووية الحديثة التي أصبحت متعددة التخصصات للغاية في تطبيقاتها، بدءًا من دراسة تشكيل العناصر في الكون لتصميم الأدوية المُشعِّة في الطب التشخيصي، وأصبحت التقنيات الكيميائية الرائدة من قبل الكيميائيين النوويين مهمة للغاية؛ لدرجة أن البيولوجيين والجيولوجيين والفيزيائيين يستخدمون الكيمياء النووية كأدوات عادية في تخصصاتهم، في حين أن الاعتقاد السائد هو أن الكيمياء النووية التي تنطوي فقط على دراسة النواة المُشعِّة، والتقدم في أجهزة قياس الطيف الكتلي الحديثة جعلت استخدام الدراسات الكيميائية مستقرة والنظائر غير الشائعة ذات أهمية متزايدة.
ما هي مصادر العناصر المُشعِّة؟
هناك ثلاثة مصادر للعناصر المُشعِّة، وهي:
– “النيوكليدات” البدائية: وهي عناصر مُشعِّة نصف عمرها وقابلة للمقارنة مع عمر نظامنا الشمسي وكانت موجودة في تكوين الأرض، ويُشار إلى هذه “الينوكليدات” بصفة عامة بأنها نشاط إشعاعي وهي مشتقة من الانحلال الإشعاعي للثوريوم واليورانيوم.
– النيوكليدات “Cosmogenic”: وهي الذرات التي يتم توليفها باستمرار من قصف أسطح الكواكب من الجسيمات الكونية (البروتونات) “principalmente” طرد من الشمس، وتكون موجودة بشكل طبيعي.
– ويُطلَق على المصدر الثالث من النيوكليدات المُشعِّة بـ”النشاط البشري المنشأ”، ويَنتُج عن النشاط البشري في إنتاج الطاقة النووية أو الأسلحة النووية أو من خلال استخدام مُسرِّعات الجسيمات.
نبذة عن تطور الكيمياء النووية:
كانت “ماري كوري” مُؤسِّسة مجال الكيمياء النووية، مفتونة باكتشاف “هنري بيكريل” لمعادن اليورانيوم التي يمكن أن تبعث أشعة قادرة على فضح فيلم تصوير فوتوغرافي، حتى لو تم تغليف المعادن بورقة سوداء وذلك باستخدام الكهربية، واستطاعت “ماري” اكتشاف أن الثوريوم يُنتِج هذه الأشعة أيضًا وهي عملية تُعرَف بـ”النشاط الإشعاعي”، كما اكتشفت عناصر البولونيوم والراديوم.
وفي عام 1911، كان لـ”جورج دي هيفيسي” الفضل في اكتشاف تقنية تحليل التنشيط النيوتروني حيث يتم قذف العينات بواسطة نيوترونات في مفاعل نووي أو من مولد نيوتروني، ويتم قياس النظائر المُشعِّة الناتجة مما يسمح بتحليل التركيبة الأولية للعينة، كما أنه يُعتبَر مُؤسِّس أحدث مجال يلعب فيه الكيميائيون النوويون دورًا مهمًا وهو مجال الطب النووي، وهو فرع من الرعاية الصحية يتسع بشكل سريع ويَستخدِم نظائر مُشعِّة قصيرة العمر لتشخيص الأمراض ومعالجة أمراض معينة. ويقوم الكيميائيون النوويون بتجميع العقاقير من الأنوية المُشعِّة المُنتَجة في المفاعلات النووية أو المُسرِّعات التي يتم حقنها في المريض ليبحثون عن أعضاء معينة أو أورام سرطانية.
ويشمل التشخيص استخدام المستحضرات الصيدلانية الإشعاعية لأحدث مجال يلعب فيه الكيميائيون النوويون دورًا مهمًا هو حقل توليد صورة للورم أو العضو؛ لتحديد المشاكل التي قد تُفقَد بواسطة الأشعة السينية أو الفحوصات الجسدية، ويشمل العلاج استخدام المركبات المُشعِّة في جرعات يتم التحكم فيها بعناية لتدمير الأورام. تبشر تقنيات الطب النووي هذه بالكثير من الأمل في المستقبل؛ لأنها تستخدم الكيمياء البيولوجية لتحديد الخلايا المُستهدَفة بدقة أكبر بكثير من العلاج الإشعاعي التقليدي الذي يستخدم الإشعاع من مصادر خارجية لقتل الخلايا الورمية، مما يقتل الخلايا غير المُستهدَفة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام المستحضرات الصيدلانية النووية التي تحتوي على النظير القصير العمر 11 درجة مئوية، سمح للكيميائيين والأطباء النوويين بالتحري عن نشاط الدماغ من أجل فهم أفضل للأسس البيوكيميائية لأمراض تتراوح من مرض “باركنسون” إلى تعاطي المخدرات.
وفي ألمانيا عام 1938، أظهرت “مايتنر وأوتو فريش” أنه من الممكن لنواة اليورانيوم أن تنقسم إلى نواتين أصغر من النيوترونات وهي العملية التي أسموها “الانشطار”، وأدى اكتشاف الانشطار النووي في النهاية إلى تطوير الأسلحة النووية وظهور الطاقة النووية لتوليد الكهرباء. وشارك الكيميائيون النوويون في التنقية الكيميائية للبلوتونيوم الذي تم الحصول عليه من أهداف اليورانيوم التي تم تعريضها للإشعاع في المفاعلات النووية، كما قاموا بتطوير تقنيات الفصل الكيميائي لعزل النظائر المُشعِّة للاستخدامات الصناعية والطبية من المُنتَجات الانشطارية التي ارتبطت بإنتاج البلوتونيوم للأسلحة. واليوم يَستخدِم الكيميائيون النوويون العديد من تقنيات الفصل الكيميائي نفسها لتنظيف النفايات المُشعِّة من إنتاج الأسلحة النووية في 50 سنة ومعالجتها من إنتاج الطاقة النووية.
وفي عام 1940 في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، أنتجت “إدوين ماكميلان” و”فيليب أبيلسون” أول عنصر من صنع الإنسان وهو النبتونيوم (NP)، من خلال قصف اليورانيوم مع النيوترونات الطاقة المنخفضة من المُسرِّع النووي. بعد ذلك بوقت قصير، قدم “جلين سيبورج” و”جوزيف كينيدي” و”آرثر وال” و”ماكميلان” عنصر البلوتونيوم بقذف أهداف اليورانيوم مع “دوتيرونس”، والجسيمات المستمدة من النظائر الثقيلة من الهيدروجين والديوتيريوم (2H)، وكلًا من “ماكميلان” و”سيبورج” اكتشفا أن الخصائص الكيميائية للالنبتونيوم والبلوتونيوم لم تشبه الرنيوم والأوزميوم كما كان متوقع ولكن تشبه عن كثب كيمياء اليورانيوم.
الأمر الذي أدى بـ”سيبورج” في عام 1944 إلى اقتراح أن عناصر ما بعد اليورانيوم كانت جزء من مجموعة جديدة من العناصر تُسمَّى سلسلة الأكتينيد التي يجب وضعها تحت سلسلة اللانثينيد على الرسم البياني الدوري، وذهب “سيبورج” وزملاء العمل لاكتشاف العديد من العناصر الجديدة والنظائر المُشعِّة، وتشارك الكيميائيون النوويون في محاولة لاكتشاف عناصر جديدة تتجاوز الـ 112 التي يتم تأكيدها في الوقت الحاضر، ودراسة الخصائص الكيميائية لهذه العناصر الجديدة على الرغم من أنها قد تكون موجودة فقط عدد قليل من الألف من الثانية.
كتابة: ميار محسن
مراجعة: منة طارق
تصميم: ميار محمد
تحرير: إسلام حمدي