نظرة أعمق داخل الڤيروس
مُعْدٍ وصغير وغير قابل للكشف بواسطة المجهر الضوئي، ويحتل موقعًا تصنيفيًا خاصًا حيث أنه ليس نباتًا أو حيوانًا أو بكتيريا بدائية النواة -كائنات وحيدة الخلية بدون نوى محددة- ويوضع بشكل عام في مملكته الخاصة، ويحتاج إلى مضيف حي لكي يتكاثر ويستمر في عمليات التمثيل الغذائي، حيث إنه لا يستطيع أن ينجو فى البيئة الطبيعية، إنه الڤيروس يا سادة.
اكتشافه:
يعود اكتشاف الڤيروسات والتعرف على طبيعتها البيولوجية إلى أواخر الثمانينات من الدراسات التي أجراها العالم الروسي دميتري إيفانوفسكي (Dmitry I. Ivanovsky)، والعالم الهولندي مارتينوس دبليو بيجرينك (Martinus W. Beijerinck) حيث اكتشفا فيما عُرفَ لاحقًا بڤيروس تبرقش التبغ tobacco mosaic virus (TMV)
فوجيء كلا العالمين بأن هذا العامل المعدي الجديد رغم أنه لا يستطيع العيش في وسط اصطناعي إلا أنه يمكنه المرور من خلال مرشح دقيق لا يسمح بمرور البكتيريا، وتوالت الاكتشافات حيث لاحقًا وفي عام 1917 وجد العالم الكندي الفرنسي فيليكس إتش ديريل (Félix H. d’Hérelle) آفات في مستنبتات البكتيريا -بيئات اصطناعية لنمو الخلايا البكتيرية- وعُزيت إلى عامل يُدعى البكتريوفاچ أو أكلة البكتيريا، المعروف الآن أن الفيروسات التي تصيب البكتيريا على وجه التحديد.
تكوينه:
لكن ماهو الڤيروس تحديدًا ومما يتكون؟
الڤيروس هو أصغر الطفيليات التي تعتمد على الكائنات الحية الأخرى لتكاثرها، جميع الـڤيروسات الحقيقية تمتلك حمضًا نوويًا (RNA) أو (DNA) يحتوي على جميع المعلومات الوراثية الفريدة لكل ڤيروس، ويحاط بغلاف بروتيني الذي يكون قشرة تسمى ( Capsid)، تمتلك بعض الفيروسات أيضًا بروتينات أخرى داخلية؛ تعمل كإنزيمات، غالبًا أثناء تخليق الأحماض النووية الفيروسية، ويطلق على المركب ككل -الحمض النووي والبروتين المحيط به- لقب (Nucleocapsid) والذي أحيانًا يكون محاطًا بغلاف دهني -ليبيدي Lipid- يُدعى المغلف الدهني (Lipid Envelope).
هناك ما يسمى بالڤيرويد (Viroid) أي شبيه الڤيروس، وهي كائنات مسببة للأمراض تحوي فقط حمضًا نوويًا بدون بروتينات.
وهنالك أيضًا جزيئات شبيهة بالفيروسات تسمى البريونات (Prions) تتكون من بروتين معقد بإحكام مع جزيء حمض نووي صغير، وتتميز بأنها تسبب العديد من الأمراض العصبية المميتة في الثدييات ومنها الإنسان.
حجمه:
تختلف معظم الفيروسات في القطر من 20 نانومتر إلى 250-400 نانومتر، أكبرهم يبلغ قطره حوالي 500 نانومتر ويبلغ طوله حوالي 700-1000 نانومتر. يمكن رؤية الفيروسات الأكبر والأكثر تعقيدًا فقط تحت المجهر الضوئي بأعلى دقة.
هيكله:
تختلف أشكال الڤيروسات تبعًا لشكل مركب (Nucleocaspid) لفيروسات حلزونية (Helical Viruses) و(Icosahedral Viruses) أي متعددة الأسطح ذات ٢٠ وجه، في حالة الفيروسات الحلزونية، يتم ترتيب جزيئات البروتين بشكل حلزوني حول الجينوم الفيروسي، مما يوفر للفيروس بنية ممدودة تشبه الأنبوب كما في فيروس تبرقش التبغ (TMV)، بينما في حالة الفيروسات متعددة الأوجه فإنها تحتوي على ٢٠ وجهًا متساوي الأضلاع و١٢ رأسًا يمنح الفيروس شكلًا كرويًا.
وهناك ڤيروسات معقدة والتي لا تنتمي لأي من التصنيفين السابقين، وقد يكون لها أجزاء إضافية مثل ذيول البروتين أو جدار خارجي معقد.
تكاثر الڤيروس:
على الرغم من اختلاف طرق تكاثر الڤيروسات، إلا أن هناك بعض المبادئ الأساسية وسلسلة معينة من الأحداث في دورة العدوى بالنسبة لمعظمها، إن لم يكن جميعها.
الخطوة الأولى في دورة العدوى هي أن الفيروس الأولي المعدي أو الأب يجب أن يرتبط بسطح الخلية المضيفة، ثم يخترق الغشاء الخارجي ويدخل داخل الخلية (السيتوبلازم) أو يحقن المادة الوراثية للفيروس في داخل الخلية بينما يظل البروتين الخارجي والمغلف -إن وجد في الخلية- على السطح الخارجي.
بمجرد دخول المادة الوراثية للڤيروس تبدأ عملية النسخ المتماثل فى الخلية المضيفة لتكرار معلوماتها الوراثية. هذه العملية تختلف بين الفيروسات المختلفة اعتمادًا على نوع المادة الوراثية الفيروسية.
وتلعب الإنزيمات المحددة الخاصة بالڤيروس -بما في ذلك بوليميريز الحمض النووي الريبي (RNA-dependent RNA polymerase) المعتمد على الحمض النووي الريبي RNA- دورًا حيويًا وبعد النسخ وتخليق البروتين، يجب تجميع كل أجزاء الڤيروس بطريقة منظمة.
هذه العملية أقل تعقيدًا في حالة وجود فيروسات مبسطة تمتلك ثلاثة أنواع فقط من البروتينات، بينما يمكن أن تخضع الفيروسات المعقدة التي تحتوي على ما يصل إلى 60 بروتينًا إلى خطوات معقدة كثيرة ومتتالية.
الڤيروس والبكتيريا:
البكتيريا هي كائنات حية وحيدة الخلية يمكن العثور عليها بشكل طبيعي في جميع أنحاء أجسامنا إما تساعدنا على هضم الطعام وحمايتنا من الميكروبات الأخرى وتوفير العناصر الغذائية أو تتواجد في بيئتنا.
معظمها غير ضارة ولا تسبب العدوى، تظهر تحت المجهر تشبه القضبان، أو الكرات أو اللوالب، ويمكن أن تتكاثر بسرعة في ظل الظروف المناسبة.
أقل من واحد في المئة من البكتيريا يمكن أن تصيبنا بالأمراض.
تشمل الالتهابات التي تسببها البكتيريا التهاب الحلق والدرن (Tuberculosis) والتهابات المسالك البولية (UTI).
المضادات الحيوية متوفرة لعلاج معظم الالتهابات البكتيرية رغم أنه من الأفضل ترك نظام المناعة في جسمك يحاربهم إذا كان قادرًا على ذلك.
على الصعيد الآخر، لا يمكن أن تعيش الفيروسات بدون مضيف أو كائن حي آخر لمساعدتها على التكاثر.
الفيروسات أصغر من البكتيريا وتربط نفسها بخلية حية أخرى لكي تستطيع التكاثر. معظم الفيروسات تسبب المرض.
من الأمثلة على الأمراض التي تسببها الفيروسات نزلات البرد الشائعة، الحصبة (measles)، جدري الماء (chickenpox) أو الإيدز (AIDS).
المضادات الحيوية لن تعالج العدوى الفيروسية حيث إنها تتطلب إما التطعيمات لمنعها في المقام الأول أو الأدوية المضادة لمنع تطورها.
كتابة: غدى محمد
مراجعة: محمد خالد
تحرير: محمد بشير
تصميم: اسلام فيصل