قدرة الفرد على فهم الأشخاص المحيطين به تعرف باسم الحساسية الاجتماعية، وتتسم الحساسية الاجتماعية بالدقة والموضوعية في معرفة دوافع الشخص ومقاصده، وذلك عن طريق الاستحواذ على نفس الشخص الآخر وفهمه، ولكن لا تتضمن الحساسية الاجتماعية الاستجابة العاطفية أو المشاركة الوجدانية، وإنما هي دقة إدراك الأشخاص بعضهم لبعض، لذلك يوجد العديد من العوامل التي تحدد ما إن نجحنا أو أخفقنا في فهم الأشخاص الآخرين.
وفي حقيقة الأمر لا يوجد شخص قادر على فهم شخص آخر فهمًا تامًا، فنحن بالكاد نستطيع تحديد هويتنا وفهم أنفسنا، لذلك ما نملكه من الشخص الآخر ما هي إلا أجزاء نحصل عليها بطرق غير مباشرة، وللعلم أن الصورة التي نحصل عليها هي صورة ظاهرة فقط أي في عقلنا نحن منقولة عن الواقع، حيث أن سعادتنا وبقائنا مرتبطين بصحة الأحكام التي نصدرها على الآخرين أي الفهم الصحيح لهم.
وفي سبيل معرفة ماهية الإدراك الاجتماعي سنتحدث عن بعض العناصر التي تساعدنا في فهم الآخرين وإصدار حكم -إلى حد ما منصف- عليهم:
1- الإفصاح عن الذات:
لكل شخص في حياته سرًا، ويسعى دومًا لإظهار الجانب المضيء من حياته، ويختلف عدد الأشخاص الذين يأتمنهم ويبوح لهم بما لديه، سواء كانوا من أفراد العائلة أو حتى الغرباء.
2- الانطباعات الأولى:
من المعروف أنه كلما سمعنا ورأينا سلوك الشخص نستطيع الحكم عليه بدقة أكثر، ولكن ما يثير الدهشة هي تلك الانطباعات الأولى التي نصدرها بناءً على إشارات ضعيفة من الشخص الآخر، وهذا ما يجعل عملية الإدراك أكثر تعقيدًا.
3- القدرة على الحكم:
وجد الباحثون نوعين من القدرة بين الحكام:
– النوع الأول وهو الحساسية للآخرين عامة، وذلك بإصدار أحكام على مجموعة من الناس من خلال معرفة اتجاهاتهم والقضايا المجتمعية التي تشغل الرأي العام وغيره.
– النوع الآخر وهو الحساسية للفرد، وهي تتمثل في إصدار حكم على الفرد بصرف النظر عن آراء الجماعة.
وتلك القدرتين مستقلتين بدرجة كبيرة، كما لا يشترط توافرهم في نفس الوقت، ونجد في كثير من الأحيان حكمة الرجال في إصدار الأحكام عن النساء، وذلك فيما يخص السلوك الفردي.
4- خصائص الحكم الناجح:
هناك مجموعة من العوامل مرتبطة مع بعضها بخصوص الإدراك المتبادل بين الأشخاص، وتعد هذه العوامل بناءً على تجارب وأبحاث متعددة:
١) النضج:
ويأتي النضج بعد اكتساب الفرد لخبرة كافية في الحياة تؤهله للحكم على الأشخاص بحكمة وعقل، ولا يشترط طبعًا الوصول لسن الرشد.
٢) التشابه:
إذا تشابه الفردين في عدة عوامل كالمكان والعمر والثقافة وغيرها ازدادت معرفتهم ببعضهم البعض، ويترتب على ذلك دقة الحكم في الشخصية، ومثال على ذلك الطلاب في نفس الأعمار تجد أن حكمهم على بعضهم أدق من الأساتذة.
وهناك تشابه حقيقي يؤدي إلى الدقة في الحكم، وآخر افتراضي يؤدي إلى قصور في الإدراك.
٣) الذكاء:
نجد أن الأفراد أصحاب الذكاء المرتفع أكثر دقة في الحكم على غيرهم، وذلك من خلال رموز وإشارات بسيطة.
٤) العزلة:
كثيرًا ما يرتبط الحاكم الجيد بصفات العزلة والانطوائية، ولكن في حقيقة الأمر هي مسافة يضعها بينه وبين الآخرين تجعله غامض وصعب الحكم عليه، لذلك نجد أن أغلب المفرطون اجتماعيًا هم ضعاف الحكم على غيرهم.
٥) التأثير الهالي:
وهو الميل لإعطاء الفرد تقدير سواء مرتفع أو منخفض بناءً على سمة واحدة يتميز بها هذا الفرد سواء سلبية أو إيجابية، وبالتالي لن يكون الحكم منطقي؛ لإهمال باقي العناصر الأخرى للشخص.
المصدر: كتاب علم نفس الشخصية
كتابة: محمود وحيد
مراجعة: مصطفى طنطاوي
تحرير: ميرنا عزوز
تصميم: أحمد محمد
